news

الحذاء الذي نطق ...!

كصاروخ الغضب.. كمقلاع الرفض.. تتوالى قذائف الحقد على السياسات الأمريكية في العالم العربي والاسلامى والدولي ،  في الشرق الأوسط ، وأفريقيا ، آسيا وأمريكا اللاتينية ،وحتى في عقر البيت الامريكى ، وتكتوي بنارها واستعلائها  الشعوب في العراق  وفلسطين ولبنان وسوريا وأفغانستان والسودان وإيران في كوبا وتشيلي وفنزويلا في الهند وباكستان وشمال أفريقيا وفى كوريا الشمالية وحتى في دول أوربا ، وإلا ما المغزى من  نتائج استطلاعات الرأي العام  في أوربا التي تعتبر أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تشكلان الخطر الأكبر على السلم العالمي ،ومصدر التوتر في العالم؟؟؟

 

 يا عراق العروبة  خذ دمى من أجل  أن تبقى  وطنا للأحرار والثوار   ... يا عراق شريعة حمورابى ، خذ جسدي متراسا  من أجل أن تسود العدالة الاجتماعية  والديمقراطية الحقيقية .. انزع يدي من جسدي  واقذف بها دبابات الحقد الأمريكية ليبقى العراق وطنا للعرب والكرد والتركمان  ، ويزول الاحتلال .. خذ عظمى  من لحمى  لتبقى بغداد عاصمة الرشيد عربية بلوحتها المجتمعية سنة ، وشيعة ، ومسيحية ، وصابئة ، ولكل الطوائف، والمذاهب العراقية ... خذ ملابسي وأشعل بها النيران واقذف بها كل العملاء الذين باعوا الوطن ،وتلفحوا بالديمقراطية  المزعومة ،وقدموا لاستباحة العراق  على ظهر الدبابات الأمريكية ..يا عراق  دعني أتكلم ،  خذ حذائي  المملوء بحمم الغضب والحقد على راعى البقر جورج بوش الابن (حفيد عصابات الهاجاناه ، وشتيرن ، وليحيى )  .. واقذف بالأحذية النارية كل المستسلمين الذين وضعوا أنفسهم تحت سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ، وتحولوا خدما للسياسة الأمريكية في المنطقة مباشرة أو غير مباشر .

 

نطق الحجر الفلسطيني في الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلى عام 1987 ، وينطق الحذاء العراقي  الآن ضد الاحتلال الامريكى والاطلسى في العراق،  ليطال كل من ساهم في احتلال العراق ،  ويحاول تقسيم العراق ،  وينتقم من شعب العراق ...وليثبت للعالم أن الشعب العراقي عصي على الكسر فالإرادة العربية العراقية في الموصل والنجف وبغداد والعامرية وكركوك وفى سجن  أبو غريب ، اقوي من كل الجلادين المحليين ، ومن المليشيات المسلحة التي تسعى لتفتيت العراق وتقسيمه ، ونهب خيراته وثرواته.

 

سلمت يسراك ويمناك  يا " منتظر الزيدى " ،  فأنت  الصحفي المقاتل الناطق باسم الملايين من المستضعفين ليس فقط في العراق ، بل في كل العالم ، أنت رمز للعامل ، والفلاح ، وللطفل ، والمرأة ،والشاب ،والعجوز ، وللمثقفين والكتاب والصحافيين ،  أنت نموذج لكل القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية ،أنت الصحفي العملاق ، أنت المقاومة الإعلامية ،  ضد كل القوى التي تسعى لتقسيم العراق طائفيا ، وعرقيا ونفطيا ،أنت المقاومة التي ترفع لواء العراق عربيا ، فالعراق ليس كرديا ، ولا شيعيا ، ولا تركمانيا ، العراق عربي بطوائفه ومذاهبه، أنت تعبر عن  رفض الظلم والقهر والاحتلال  من المحيط إلى الخليج ، ومن الخليج إلى المحيط .

 

 لقد فشل العدوان الامريكى -  البريطاني الاطلسى رغم الآثار السلبية التي خلفها بعدوانه ،  بسبب المقاومة الحقيقية وليس بسبب زراعة الخوف في الشوارع العراقية لتحصد الأبرياء من الشعب العراقي ،وليس بقتل العراقيين والمدنيين عبر التفجيرات العشوائية ، كما مارستها عصابات القاعدة في العراق ، وساهمت في تفتيت وحدة الشعب وقواه الحية في مواجهة العدوان الامريكى ، المقاومة ليست إرهابا ولا استهتارا بدم المواطن العراقي ، والايادى التي توجه قذائفها وسياراتها المفخخة إلى  الأسواق  وأمام المساجد ،والجامعات إنما هي إرهاب بكل معنى الكلمة مهما تلفع أصحابها بالدين وبالإسلام  ، المقاومة حشد لكل الطاقات من أجل هزيمة الاحتلال ،  والحفاظ على هوية الدولة العربية ، وإقامة الدولة العراقية  الديمقراطية لكل المواطنين بغض النظر عن العقيدة والمذهب والطائفة والجنس ،  العراق الموحد   لكل العراقيين .

 

السياسة الأمريكية في العراق قد فشلت  ،  وفشل مشروع الفوضى الخلاقة ، والشرق الأوسط الكبير ، فشل المسيحيون  الجدد في برنامجهم ، وفشلت العولمة المتوحشة وسياسة القهر واستعباد الشعوب ، فشلت سياسة  تغيير النظم السياسية من الخارج ، وفشل فرض الديمقراطية على الشعوب بالقوة  ، فشل التآخي بين الأديان طالما يسود العالم  البلطجة والقرصنة السياسية  ، وإقامة القواعد العسكرية لتخويف الشعوب واستخدام العصا والجزرة لإخضاعها بالتنازل عن حرية أوطانها ، وعن قوميتها وتراثها الذي تعتز به ، فشلت مزاعم محاربة الإرهاب التي تبيح للبلطجة الأمريكية أن تستبيح دم الشعوب ، وخيراتها ، ولتبقى الجلاد في العالم  ، وعملت على تعطيل التنمية والتقدم  للبشرية ،  وتقاعست في مواجهة الظواهر التي تهدد البشرية مثل الانحباس الحراري ، والتلوث البيئي ، والأمراض المستعصية كالايدز والكوليرا ، وعطلت البرامج والخطط الأممية لمحاربة الجهل والمرض  والبطالة ، والتصحر ، وزادت من حدة الصراع على الحدود والمياه التي أوجدها الاستعمار القديم ... الخ  ، فشلت السياسية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ، بتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة على الرغم من وعودها الكاذبة ، وبعد هذه النكسات ،  ماذا تبقى بعد  السلسلة الطويلة من  الفشل ؟؟ ماذا سيجلب السقوط في مستنقع الهزائم المتكررة لأمريكا  والتي كان آخرها وليس أخيرها الانهيار الاقتصادي المالي في العالم جراء سياسة الليبرالية الاقتصادية وجني الأرباح الطائلة واستغلال الشعوب ، فهل يتعلم المستعمرون الجدد من التاريخ ؟؟ بأن الشعوب المضطهدة لن تتوان في استخدام كل وسائل النضال من أجل تحقيق أهدافها  بما فيها الحجر والحذاء؟؟!!!

 

 لم يبق سوى أن ينطق الحذاء وكل الأحذية في وجه كل أعداء البشرية ومنظروها ، والعولمة المتوحشة ،هذا الحذاء الأصم الذي نطق بع صمت طويل ضد رأس الهرم الامريكى وما يمثله ،  لم تنطق الأغلبية الساحقة من الحكومات والأنظمة المختلفة من ملوك ورؤساء ومشيخات مثله بعد ، مع أن نيكيتا خروشوف رئيس الاتحاد السوفياتى سابقا  قد هدد بحذائه في مجلس الأمن بريطانيا وفرنسا وإسرائيل بوقف العدوان الثلاثي  على مصر وبضرورة انسحابها من الاراضى التي احتلتها عام 1956 ، ولاحقا في التاريخ المعاصر  ، فقد نطق  لسان أبو عمار  بلا  كبيرة في كامب ديفيد في وجه كلينتون الرئيس الامريكى السابق ، فكان الاجتياح للضفة الغربية وحصار المقاطعة ، وهدمها ، وقال لا.. ولا  فانقطعت كل وسائل الاتصال العربية ، ولم يجرؤ اى زعيم عربي أن يرفع سماعة التليفون ليطمئن  على صحته أو يتضامن معه   ...، وقال لا.. لا..لا أخيرا فكان الاستشهاد ، أمام عيون العالم الذي لم يرى ولم يسمع ولم يتكلم ...!!! فالإنسان موقف وقضية  كما قال الشهيد غسان كنفاني ، فهل " منتظر الزبدى " هو المسيح المنتظر الذي يوقظ العالم من سباته  على حجم  المأساة الحقيقية التي يتعرض لها شعب العراق وكل الشعوب العربية وفى مقدمتها الشعب العربي الفلسطيني ؟؟؟ فهل يصمت زعماء العرب على مصير الصحفي " منتظر الزيدى " كما صمتوا أيام حصار أبو عمار؟؟

 

هبوا أيها المسحوقون في هذا العالم ، أيها  الوطنيون ، والثوريون ، والحقوقيون،  والديمقراطيون ،  والتقدميون ، والكتاب والصحافيون ، والشعراء ،وكل  المتنورين في العالم  للدفاع عن الصحفي الرصاصة والشهادة ، ولا تتركوه لوحده في مواجهة الجلادين كما تركتم أبو عمار وحيدا إلا من شعبه؟؟.

 

 غزة – فلسطين
talat_alsafadi@hotmail.com